بعد ومسافة

لماذا تتجذّر كراهية الإسلام لدى كثير من الحكام، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات..؟.. ولماذا تتم محاولة القضاء على تجارب الحكم الإسلامية، قبل أن تبدأ، أو قبل أن تُمْنح فرصة الحياة تحت شمس الحرية التي توقدها أيادي وحناجر الشعوب.. وأصواتهم؟

لماذا يوصم حكم الإسلاميين دائماً بالفشل، ولماذا يوصمون بالتخلف والجهل والرجعية، في حين أن أوربا والعالم الغربي يحتفي بأحزابه المسيحية - دينية النزعة والتوجه -..؟.. ونجد أن أكثر الأحزاب التي تحكم الآن في أوربا الغربية تحمل صفة من صفتين أو الاثنتين معاً (الديمقراطية) أو (المسيحية).. ويحرّم على بلاد الإسلام التي اختارت نهج الحكم الذي أن يحمل حزب سياسي أو جماعة ما اسم الإسلام ليقترن باسم الحزب، وإن حدث ذلك فإن أول صفة يطلقها الغرب على ذلك الحزب هي (الإرهاب).

التجربة المصرية الحالية التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي المنتخب عن طريق صناديق الاقتراع، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، وقد وقع ذلك في بلادنا من قبل، ولكن بصورة عكسية، إذ قفز خصوم الدين ليلاً على أسوار الحكم واستولوا على مقاليد الحكم في مايو 1969م، لا لشيء إلا لأن الاتجاه العام للدستور كان ينبيء بأن الجمهورية القادمة إسلامية.. ورغم الخلاف السياسي بين الحزبين الكبيرين آنذاك، (الوطني الاتحادي) بزعامة الرئيس إسماعيل الأزهري - رحمه الله - ورعاية السيد علي الميرغني، طيب الله ثراه، وحزب (الأمة) بزعامة الإمام الراحل السيد الهادي المهدي، رغم الخلاف السياسي بين الحزبين الكبيرين إلا أنهما كانا يتفقان على (إسلامية) الدولة، فانقلب عليهم المنقلبون، وبدأوا يجزون الرؤوس في «ود نوباوي» و«النيل الأبيض» و«الكرمك» إلى أن انقلب السحر على الساحر.. ويا سبحان الله، قاد قائد الانقلاب نفسه انقلاباً جديداً أعلن من خلاله تطبيق الشريعة الإسلامية بعد سلسلة من الإصلاحات والمصالحات مع القوى السياسية، وهو ما أتاح للحركة الإسلامية أن تقوى وتعد كوادرها العلنية والسرية لمستقبل جديد في عالم السياسة والحكم.

وهناك تجربة اليمن الأولى وانقلاب عبد الله السلال، ثم تجربة الجزائر التي لا زالت في الذاكرة الحديثة عندما قطع الجيش الطريق على جبهة الإنقاذ الإسلامية وعاد بالجزائر (الديمقراطية) خطوات للوراء!

وأتمنى لو أن مركزاً بحثياً مختصاً قام بدراسة هذه الظاهرة، أسبابها ودوافعها ونتائجها، وحلل تلك النتائج ليكون الجميع على بصيرة تتكشف لهم من خلال (المطبات) و(المحاذير) من خلال تجارب تاريخية وعملية مدروسة.

وإن سأل سائل عن حال السودان، فنظام الحكم - رغم المعارضة - إسلامي، والمعارضة نفسها (إسلامية) إلا قلة قليلة لا تجرؤ على الإفصاح بذلك.                                                                                                                                                                       منقول من صحيفة اخر لحظة.                                                                    عمود مصطفي ابو العزائم