كتبهااسامة جاب الدين ، في 17 يونيو 2011 الساعة: 06:38 ص
نادراً ما يكون قد مرّ عليك في الجامعة ذلك الكائن المُهدد بالإنقراض الذي يُسمى بـ(الطالب المُجتهد).. والذي يمكنك تعريفه بـ:
- إنه الطالب الذي يتضايق كثيراً إذا حضر الجامعة ووجد أن المحاضرة ألغيت.. أو أن المُحاضِر اعتذر اليوم.! ويتمنى أن يتم تعويض هذه المحاضرة في يوم آخر.. ويصرّ على ذلك.!
عكسه تماماً (الطالب غير المُجتهد) وهو الذي إذا وجد أن المحاضرة قد ألغيت.. تجده سعيداً مُنتشياً.. ويفرح فرحة طاغية بهذا الحدث الاستثنائي العظيم.. فإلغاء المُحاضرة عنده عيد.!
العبد لله كان من النوع الثاني.. النوع غير المجتهد.. الذي إلغاء المحاضرة عنده عيد.. ومناسبة تستحق الاحتفال بها.. وسبب ذلك أنني كنتُ من تلك الفئة التي دَرَسَتْ مجالاً ليس مجالها.. ودخلتْ تخصصاً ليس تخصصها.. احترتُ كثيراً وأنا أحاول التأقلم مع الواقع الجديد.. فحالي كان يشبه حال من دخل السجن بإرادته.. ثم يتحسر على حريته المقيدة.. وباب السجن أمامه مفتوح.. من أراد أن يخرج فليخرج.. ولكنه يصر على أن يظلّ فيه حتى يكمل أربع سنوات.!
أسمح لي أنقل لك شعور طالب دخل جامعة أو كلية لا يرغبها.. وهو مُضطر يومياً لحضور محاضرات مدة الواحدة منها ساعتين أو ثلاث ساعات من التعذيب المستمر.. وحسبك بالمُجرّب من عليم.!
كان استيعاب المحاضرات بالنسبة للفقير إلى مولاه يشبه قراءة جريدة في وسط إعصار مُدمّر.. أو فلنقل عبارة عن قيادة دراجة هوائية عكس هواء به أتربة غبارية مع رياح شمالية شرقية باردة.. من النوع الذي يهبّ عندما يكون (الفاصل المداري) يقع خلف مدينة ما.. شعور لا يستطيع المرء وصفه لمن لم يجربه.. المحاضرة كانت تحتاج إلى كمية لا بأس بها من الليمون لهضمها.. ولولا أنه ممنوع مصّ الليمون أثناء المحاضرات لكان أخاكم قد فعلها ولا يبالي.!
كنت أرى أن المحاضر ينفخ في رماد.. وأتململ حتى يخرج.. ثم بعدها ألتفت إلى الزملاء الذين دخلوا هذه الكلية برغبتهم حتى يشرحوا للعبد لله ماذا قال المحاضر.. كانت المحاضرات كلها رياضيات.. إلا القليل.. وهذه المادة كانت من ضمن الأشياء الخمسين التي لا أحبها.. البقية قد أتحفك بها لاحقاً إن شاء الله.!
أما مذاكرة المواد وفهمها والاستعداد للإمتحان ثم النجاح فيها بتقدير يُخرجك من الفضيحة.. وأعلى من السُترة بقليل.. فطريقتي في التعامل مع ذلك كانت أشبه برجل وقور.. ذو لحية.. وقد وخط الشيب على فوديه.. (أرجو أن تركزوا في “وخط” هذه جيدا..ً مُهمة على فكرة).. ويحاول هذا الرجل أن يُضْحِك طفل صغير.. غتيت.. يرفض الضحك بالتي هي أحسن.. وينظر إليه ببلاهة.. تجد أن الرجل في سبيل إضحاكه يقوم أمامه بحركات غريبة.. يخرج له لسانه ويحركه ذات اليمين وذات الشمال بحركة لولبية سريعة.. ثم يُصفّر.. ويُصدر أصواتاً غريبة.. مثل: جغ جغ جغ.. لِك لِك لِك.. نياههها نياهاهاها.. يحرك حاجبيه.. ثم يُحوّص.. ثم يغمزه في جنبيه ليدغدغه.. والطفل ينظر إليه لا مبالٍ بفم مفتوح قد سال جانبه.. ويرفض أن يضحك.. متعبون هؤلاء الأطفال عندما يحجمون عن الضحك.! وهذا هو حال الذي دخل مجالاً ليس رغبته.. وهو مضطر للنجاح فيه ومن ثم الاستمرار.. يضغط على نفسه كثيراً لكي لا يسقط في المواد.. ويتعامل معها معاملة الزوجة الصبور مع الزوج الأحمق.. أو هكذا مثال.!
إكتشفتُ بعدها أن أكبر حماقة يمكن أن يرتكبها الطالبـ/ـة في حياته أن يدرس في جامعة لا يرغبها.. وأكبر ذنب يمكن أن يجنيه الأهل في ابنهم أو ابنتهم أن يرغموا أحدهم على دراسة تخصص لا يرغبه من أجل المباهاة به وسط الناس.. تجدهم يفتخرون به بأن ابنهم: طبيب.. مهندس.. طيار.. عالم فلك.. خبير في القنابل النووية..إلخ. وتجده هو هناك يكره اليوم الذي أدخله هذه الجامعة.. بل واليوم الذي وُلد فيه.!
ومن قرر منهم أن يواصل الدراسة حتى يتخرج.. سيخرج إلى الحياة العملية وهو يشعر أنه لم يدخل جامعة بعد.. ويتحسر على السنين التي أضاعها فيما لا يفيد حين لا ينفع الندم.!
أحياناً يفعل الطالب هذا بنفسه.. أن يدرس مجالاً ليس رغبته من أجل أن ينال لقب طالب جامعي مثلاً.. أو من أجل أنه يريد درجة بكالوريوس والسلام.. أياً كان.. حتى ولو كان بكالريوسه في (تجليد العناقريب) بمرتبة قطن.. إذا فعلت هذا بنفسك سيكون همّك الأول والأخير بعد أول محاضرة تشهدها هو التخرج.. وسينحصر تفكيرك في متى ستتخلص من هذا العذاب.. لن تكون لديك رغبة في التفوق.. بل ستعتبر نفسك محظوظاً إذا لم ترجع فصل دراسي للخلف أو لم تسقط في مادة.. هنالك من يُعوض الفرق بكثرة المذاكرة.. ويتعامل مع المواد تعامل المريض مع الدواء المُر.. وقد تصل إلى مرحلة من الملل قد تقودك لترك الجامعة إذا لم تكن صَبُورٌ على ريب الزَّمانِ.
أما إذا تورّطتَ ودرستَ في جامعة لا ترغبها.. فليس أمامك سوى أن تواصل لأسباب كثيرة تحتاج إلى مساحة أخرى.. سأفرد لها مقالاً بعنوان (أحسن تواصل)..سيأتي لاحقاً إن شاء الله.. أما الآن فطبق المثل الذي يقول: (…) الحقيقة لابد أنه يوجد مَثلٌ ما يقال في هذه المناسبة.. فالعرب لم يتركوا شيئاً إلا وضربوا له مثلاً.. بما أننا لا نعرف مثلاً جاهزاً لـ (الذي دخل جامعة لا يرغبها ولابد له أن يكملها) سنضّطر لتأليف مَثل غير مأثور نسيّر به الأمور ريثما نجد الأصلي.. أعمل بهذا المثل:
- إذا دخلت كلّية بدون رغبتك.. واصل فيها حتى تتخرج.. والسلام.!!! أضف الى مفضلتك
مذكرات زول ساي
(1)
(1)
نادراً ما يكون قد مرّ عليك في الجامعة ذلك الكائن المُهدد بالإنقراض الذي يُسمى بـ(الطالب المُجتهد).. والذي يمكنك تعريفه بـ:
- إنه الطالب الذي يتضايق كثيراً إذا حضر الجامعة ووجد أن المحاضرة ألغيت.. أو أن المُحاضِر اعتذر اليوم.! ويتمنى أن يتم تعويض هذه المحاضرة في يوم آخر.. ويصرّ على ذلك.!
عكسه تماماً (الطالب غير المُجتهد) وهو الذي إذا وجد أن المحاضرة قد ألغيت.. تجده سعيداً مُنتشياً.. ويفرح فرحة طاغية بهذا الحدث الاستثنائي العظيم.. فإلغاء المُحاضرة عنده عيد.!
العبد لله كان من النوع الثاني.. النوع غير المجتهد.. الذي إلغاء المحاضرة عنده عيد.. ومناسبة تستحق الاحتفال بها.. وسبب ذلك أنني كنتُ من تلك الفئة التي دَرَسَتْ مجالاً ليس مجالها.. ودخلتْ تخصصاً ليس تخصصها.. احترتُ كثيراً وأنا أحاول التأقلم مع الواقع الجديد.. فحالي كان يشبه حال من دخل السجن بإرادته.. ثم يتحسر على حريته المقيدة.. وباب السجن أمامه مفتوح.. من أراد أن يخرج فليخرج.. ولكنه يصر على أن يظلّ فيه حتى يكمل أربع سنوات.!
(2)
أسمح لي أنقل لك شعور طالب دخل جامعة أو كلية لا يرغبها.. وهو مُضطر يومياً لحضور محاضرات مدة الواحدة منها ساعتين أو ثلاث ساعات من التعذيب المستمر.. وحسبك بالمُجرّب من عليم.!
كان استيعاب المحاضرات بالنسبة للفقير إلى مولاه يشبه قراءة جريدة في وسط إعصار مُدمّر.. أو فلنقل عبارة عن قيادة دراجة هوائية عكس هواء به أتربة غبارية مع رياح شمالية شرقية باردة.. من النوع الذي يهبّ عندما يكون (الفاصل المداري) يقع خلف مدينة ما.. شعور لا يستطيع المرء وصفه لمن لم يجربه.. المحاضرة كانت تحتاج إلى كمية لا بأس بها من الليمون لهضمها.. ولولا أنه ممنوع مصّ الليمون أثناء المحاضرات لكان أخاكم قد فعلها ولا يبالي.!
كنت أرى أن المحاضر ينفخ في رماد.. وأتململ حتى يخرج.. ثم بعدها ألتفت إلى الزملاء الذين دخلوا هذه الكلية برغبتهم حتى يشرحوا للعبد لله ماذا قال المحاضر.. كانت المحاضرات كلها رياضيات.. إلا القليل.. وهذه المادة كانت من ضمن الأشياء الخمسين التي لا أحبها.. البقية قد أتحفك بها لاحقاً إن شاء الله.!
(3)
أما مذاكرة المواد وفهمها والاستعداد للإمتحان ثم النجاح فيها بتقدير يُخرجك من الفضيحة.. وأعلى من السُترة بقليل.. فطريقتي في التعامل مع ذلك كانت أشبه برجل وقور.. ذو لحية.. وقد وخط الشيب على فوديه.. (أرجو أن تركزوا في “وخط” هذه جيدا..ً مُهمة على فكرة).. ويحاول هذا الرجل أن يُضْحِك طفل صغير.. غتيت.. يرفض الضحك بالتي هي أحسن.. وينظر إليه ببلاهة.. تجد أن الرجل في سبيل إضحاكه يقوم أمامه بحركات غريبة.. يخرج له لسانه ويحركه ذات اليمين وذات الشمال بحركة لولبية سريعة.. ثم يُصفّر.. ويُصدر أصواتاً غريبة.. مثل: جغ جغ جغ.. لِك لِك لِك.. نياههها نياهاهاها.. يحرك حاجبيه.. ثم يُحوّص.. ثم يغمزه في جنبيه ليدغدغه.. والطفل ينظر إليه لا مبالٍ بفم مفتوح قد سال جانبه.. ويرفض أن يضحك.. متعبون هؤلاء الأطفال عندما يحجمون عن الضحك.! وهذا هو حال الذي دخل مجالاً ليس رغبته.. وهو مضطر للنجاح فيه ومن ثم الاستمرار.. يضغط على نفسه كثيراً لكي لا يسقط في المواد.. ويتعامل معها معاملة الزوجة الصبور مع الزوج الأحمق.. أو هكذا مثال.!
(4)
إكتشفتُ بعدها أن أكبر حماقة يمكن أن يرتكبها الطالبـ/ـة في حياته أن يدرس في جامعة لا يرغبها.. وأكبر ذنب يمكن أن يجنيه الأهل في ابنهم أو ابنتهم أن يرغموا أحدهم على دراسة تخصص لا يرغبه من أجل المباهاة به وسط الناس.. تجدهم يفتخرون به بأن ابنهم: طبيب.. مهندس.. طيار.. عالم فلك.. خبير في القنابل النووية..إلخ. وتجده هو هناك يكره اليوم الذي أدخله هذه الجامعة.. بل واليوم الذي وُلد فيه.!
ومن قرر منهم أن يواصل الدراسة حتى يتخرج.. سيخرج إلى الحياة العملية وهو يشعر أنه لم يدخل جامعة بعد.. ويتحسر على السنين التي أضاعها فيما لا يفيد حين لا ينفع الندم.!
(5)
أحياناً يفعل الطالب هذا بنفسه.. أن يدرس مجالاً ليس رغبته من أجل أن ينال لقب طالب جامعي مثلاً.. أو من أجل أنه يريد درجة بكالوريوس والسلام.. أياً كان.. حتى ولو كان بكالريوسه في (تجليد العناقريب) بمرتبة قطن.. إذا فعلت هذا بنفسك سيكون همّك الأول والأخير بعد أول محاضرة تشهدها هو التخرج.. وسينحصر تفكيرك في متى ستتخلص من هذا العذاب.. لن تكون لديك رغبة في التفوق.. بل ستعتبر نفسك محظوظاً إذا لم ترجع فصل دراسي للخلف أو لم تسقط في مادة.. هنالك من يُعوض الفرق بكثرة المذاكرة.. ويتعامل مع المواد تعامل المريض مع الدواء المُر.. وقد تصل إلى مرحلة من الملل قد تقودك لترك الجامعة إذا لم تكن صَبُورٌ على ريب الزَّمانِ.
(6)
أما إذا تورّطتَ ودرستَ في جامعة لا ترغبها.. فليس أمامك سوى أن تواصل لأسباب كثيرة تحتاج إلى مساحة أخرى.. سأفرد لها مقالاً بعنوان (أحسن تواصل)..سيأتي لاحقاً إن شاء الله.. أما الآن فطبق المثل الذي يقول: (…) الحقيقة لابد أنه يوجد مَثلٌ ما يقال في هذه المناسبة.. فالعرب لم يتركوا شيئاً إلا وضربوا له مثلاً.. بما أننا لا نعرف مثلاً جاهزاً لـ (الذي دخل جامعة لا يرغبها ولابد له أن يكملها) سنضّطر لتأليف مَثل غير مأثور نسيّر به الأمور ريثما نجد الأصلي.. أعمل بهذا المثل:
- إذا دخلت كلّية بدون رغبتك.. واصل فيها حتى تتخرج.. والسلام.!!! أضف الى مفضلتك
الثلاثاء مارس 03, 2015 1:12 am من طرف علي البرنس
» Definition of salmonella bacteria
الجمعة مارس 14, 2014 12:08 am من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» تعريف بكتيريا السلمونيلا
الأربعاء فبراير 26, 2014 7:25 am من طرف ميسره احمد عثمان
» Enteric feve
الأربعاء فبراير 26, 2014 7:14 am من طرف ميسره احمد عثمان
» حمى التايفويد
الأربعاء فبراير 26, 2014 6:55 am من طرف ميسره احمد عثمان
» تحية طيبة
الأحد يناير 19, 2014 2:29 pm من طرف Admin
» حير2نا يا ناس البرير
الأربعاء يناير 08, 2014 9:28 am من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» من قصة المحلق وتاجوج
الثلاثاء يناير 07, 2014 11:13 pm من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» هذا هو الاسلام
الأربعاء ديسمبر 25, 2013 2:36 pm من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» ثورة الطين(احمد مطر)
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 5:22 pm من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» يلاكم ننم وندوبي
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 3:00 pm من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» معا من أجل موسوعة من الامثال السودانية الحديثة والمعاصرة
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 2:27 pm من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» عووووووووووووووووووووووك
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 12:47 am من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» الدوبيت السودانى
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 12:36 am من طرف أحمدكزمه عين اللويقة
» امثال شعبية
الثلاثاء ديسمبر 24, 2013 12:32 am من طرف أحمدكزمه عين اللويقة